شبكة الاصدقاء ترحب بكم
اهلا بكم في شبكة الاصدقاء نتمنى ان تقضو برفقتنا اجمل الأوقات وتساهموا في وضع مشاركاتكم أو ردودكم حول مواضيعنا
لن نجبرك على التسجيل ولكن سوف نغريك على البقاء معنا
تذكرونا بدعوة صالحة

إدارة الموقع
شبكة الاصدقاء ترحب بكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة الاصدقاء ترحب بكم

برمجة MIL@D ESBER
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء
a3e7be10.gif - 55.72 KB

 

 حياة الصعاليك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الهداف
عضو ذهبي
عضو ذهبي
الهداف


الجنس : ذكر الابراج : العذراء عدد المساهمات : 509
نقاط : 6456
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 09/03/2011
العمر : 28
مكان الإقامة : صافيتا

حياة الصعاليك Empty
مُساهمةموضوع: حياة الصعاليك   حياة الصعاليك Emptyالأربعاء 06 أبريل 2011, 10:19 pm

أقام الصعاليك في العصر الجاهلي مجتمعاً خاصاً عرف بهذا الاسم، وأصبح له شعراؤه وزعماؤه، وقد كتبت بحوث كثيرة حول هذا المجتمع وقدمت معلومات مفيدة عنه من الناحية التاريخية بحيث جاءت –تلك الدراسات- توثيقاً لحياة الصعاليك في العصر الجاهلي، وإذا كانت تلك الدراسات قد استشهدت بالشعر، فإننا نجد الشعر الوارد ما هو إلا وسيلة لإثبات الأفكار التي تقدمها الدراسة..
أما التعرف على ذلك المجتمع من خلال النصوص الشعرية فهو الذي يعطي صورة عن ذلك المجتمع من الداخل، وهو ما سنحاوله مع الاستفادة من الدراسات التاريخية المقدمة في هذا المجال وعلى رأسها الدكتور يوسف خليف عن شعراء الصعاليك.
وتقتضي دراسة النص الوقوف عند الظواهر التي يقولها النص صراحة أو ضمناً دون تحميله ما ليس فيه، مع محاولة ربط سلوك شخصية الصعلوك ببعض نظريات علم النفس التي يمكن أن تفيد في الكشف عن علاقة المعطيات الناتجة عن الصراع مع الذات.
ويمكن النظر إلى هذا الموضوع من عدة محاور مترابطة لا يمكن الفصل بينها، على أساس أن كل فكرة لا يمكن أن تستقل بذاتها عن بقية الأفكار، وتجزئة الموضوع ما هو إلا تقسيم يقصد منه استكمال الفكرة، فالموقف من الذات مرتبط بالموقف من المجتمع الذي يشمل المرأة كما أن ذلك كله سيكشف عن حياة الصعلوك بصورة عامة.
أولاً: الموقف من الذات:
يحاول الشاعر أن يقدم لنا صورة عن حالة معيشية التي يمر بها، ومن خلال هذه الصورة سنحاول التعرف على موقفه من ذاته، باعتبار هذا الموقف عاملاً سيساهم في الرضى أو السخط عما يفعله، يقول عروة بن الورد:
لحا الله صعلوكاً إذا جن ليلة * * * مصافي المشاش آلفاً كل مجزر
يعد الفتى من نفسه كل ليلةٍ * * * أصاب قراها من صديق ميسر
ينام عشاء ثم يصبح ناعساً * * * يحت الحصا عن جنبه المتعفّر
يعين نساء الحي ما يستعنّه * * * ويمسي طليحاً كالبصير المحسّر
ولكن صعلوكاً صفيحة وجهه * * * كضوء شهاب القابس المتنوّر
مطلاً على أعدائه يزجرونه * * * بساحتهم زجر المنيح المشهّر
إذا بعدوا لا يأمنون اقترابه * * * تشوّف أهل الغائب المتنظّر(1)
نلاحظ في الأبيات السابقة عدم الرضى عن الواقع الذي يعيشه الصعلوك لأنه واقع مزرٍ، فهو لا ينام كالبشر، ويظل يبحث عن طعام في أماكن ذبح الإبل، وإن أراد النوم لم يجد الفراش الذي ينام عليه، ويكتفي بالنوم على الحصى، ومع هذا فإن ذلك لم يمنعه من عمل الخير ومساعدة النساء في قضاء حوائجهن بالنهار، ليعود إلى بيته في المساء مكدوداً مليئاً بالحسرات، لا سيما وقد علم بموقف المجتمع منه، الذين يستقبلونه استقبال الموت حين يرونه قادماً حيث يزجرونه ولا يأمنون اقترابه، وهذا الموقف يترك في نفسه أثراً سلبياً ضد المجتمع من جهة، وضد نفسه من جهة أخرى، فهذا التصرف الذي يمر به يجرح كبرياءه، ويحطم كرامته المستقرة في ذاته، ولذا فإنه يفضل الموت بديلاً عن هذه الإهانة التي تلحقه.
فذلك إن يلق المنية يلقها * * * حميداً وإن يستغن يوماً فأجدر
ويمكن أن نلاحظ أن الشاعر الذي يمثل الصعلوك، ظل مخلصاً لمبادئه وكرامته، فلم يخضع للأغنياء ولم يتطفل على موائدهم، بل بقى نائياً عنهم، محافظاً على شرفه من الدنس الذي ربما لحقه لتعويض الفقر بالغنى، ولهذا فإنه استبدل هذا الوضع بأمرين هما إما الموت وإما الغنى، والسبيل إلى أي من الأمرين السابقين يجده لذيذاً ومبرراً، ولذا فإنه سيسعى للغنى، ولابد أن يوصله سعيه إما إلى الغنى أو الموت، وهو في كلا الأمرين لم يخسر شرفاً أو كرامة، وهكذا يقدم لنفسه قناعة نهائية، وينطلق من يقين راسخ بان ما يفعله هو الصواب:
فسر في بلاد الله والتمس الغنى * * * تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا(2)
وقوله في موضع آخر يمجد الموت على أنه بديل مقبول للحياة الكريمة:
فللموت خير للفتى من حياته * * * فقيراً ومن حولي تدب عقاربه(3)
وهكذا نلاحظ أن عروة بن الورد يقدم لنا موقفاً واضحاً من ذاته الفقيرة، فهو غير راضٍ عنها مطلقاً، ولهذا فهو يسعى لتغييرها بالغنى، ولكن ذلك لا يعني لديه الخنوع والدنو للأغنياء، كاستجابة للحالة التي يمر بها، بل إن ردة الفعل ضد نفسه هي السعي باستخدام القوة التي يتعادل فيها الموت والغنى.
ثانياً: الموقف ممن المجتمع:
أما موقف الشاعر الصعلوك من مجتمعه الخاص الذي اعتبره بديلاً وهمياً للمجتمع، فيحاول الانسجام معه على أساس أنه يمثل الصورة المثالية التي يطمح إليها عقلة الباطن(4)، بأن يكون غنياً، وبالتالي فإن الغنى سيجلب له الخير والراحة يقول:
دعيني للغنى أسعى فإني * * * رأيت الناس شرهم الفقير
وقد انشغل بالبحث عن الغنى لكي يحميه الآن من الفقر والعوز كما يقول:
أتهزأ مني أن سئمت وأن ترى * * * بوجهي شحوب الحق والحق جامد
ويجد تبريراً يتعلق بواجبه الاجتماعي تجاه الأسرة وتجاه الفقراء، بخلاف الذين ملكوا المال فحسبوه، لذا فإنه يملك المال لكي ينفقه على الفقراء:
إني امرؤ عافي إنائي شركة * * * وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
أقسم جسمي في جسوم كثيرة * * * وأحسوا قراح الماء والماء بارد
ونلاحظ أن فكرة الجماعة المشتركة هي التي تسيطر على النص، إذ لا قيمة للفرد وحيداً حتى ولو كان غنياً، فالجماعة لدى عروة بن الورد مز يتجسد فيه معنى الإنسانية التي يتوق لها ويسعى جاهداً للوصول بالكرم حيث يجود بما يملك مهما كان ذلك قليلاً، إلا أنه يجود بماله دون منّة، بل ببهجة غامرة كما يصور لنا ذلك في قوله:
إني امرؤ عافي إنائي شركة * * * وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
وتنتشر أحاديث هذا الكرم في شعر الصعاليك بكثرة، ومما كان يتميز به الصعلوك الشجاعة والجرأة وقوة الجسد، وقد كانت أشعارهم تفيض بهذه القوة، كما تأتى هذه الأحاديث في شعر معاصريهم، يقول تأبط شراً مفتخراً بقوته:
وما ولدت أمي من القوم عاجزاً * * * ولا كان ريشي ذا جنابٍ ولا لغب
ويصرح الشنفري معتزاً بنفسه بأنه يقدم على الحرب في شجاعة وجرأة خارقة حيث يقف الجبان هلعاً جزوعاً منه:
إذا خشعت نفس الجبان وضنّت * * * فلي حيث يخشى أن يجاوز مخشف
وقد كان هؤلاء الصعاليك يمثلون فزعاً رهيباً للمجتمع الجاهلي الذي لم يهتم بهم، حتى لتسمع أن فارساً من فرسانه المعدودين، وهو عمرو بن معد يكرب، يصرح بأنه لا يخشى أحداً من فرسان العرب إلا أربعة، أحدهم السليك بن السلكة، وأنه يستطيع وحده أن يحمي الظعينة ويخترق بها أعماق الصحراء ما لم يلقه واحد من هؤلاء الأربعة، وحسب السليك أن يقرن بعامر وعتبة وعنتره وأن يخشى باسه عمرو بن معد يكرب.
وهذه الشجاعة الفائقة لم تكن مقصورة على صعلوك دون آخر وإنما كانت صفة يتسم بها كل الصعاليك، حتى اصح الصعلوك مثلاً يضرب في الشجاعة.
ثالثاً: الموقف من المرأة:
تتضح صورة المرأة في قصائد الصعاليك ومنها قصيدة "الشنفري" التائية التي سبقت الإشارة إليها وتتخذ وظائف معينة نابعة من رؤية الصعلوك الذاتية من جهة، ومنعكسة عن رؤية حتمية تتصف بالعمومية من توليد خارجي قد يكون المجتمع أو النظام هو المسئول عن تكوين تلك الرؤية وصنعها من جهة أخرى.
وللمرأة عدة صور عند "الشنفري" فهي: إما المحافظة، أو الصالحة، أو المحايدة.
وتدور علاقته بالمرأة حول مستويات الأخلاق وهي الشرف والأمانة والإباء، دون أن يأتي الجوانب العاطفية لديها، ولا الوصف الحسي لجسدها، أو لعلاقة الرجل بها في أي مكان من الأشكال، بل توقف عند السلوك الأخلاقي، إيماناً منه بتوفر السلوك الآخر الذي لم يذكره، أما الأخلاق فهي التي تحتاج إلى تبيين واستظهار، وهي من الندرة بحيث تحمد لها:
يبيت بمنجاة من اللوم بيتها * * * إذا ما بيوت بالمذمة حلت
ويتبع تصرفاتها الحميدة مع نفسها في الاحتشام وفي المشي وفي النظر، ثم سلوكها مع جيرانها من جهة ومع زوجها وأولادها من جهة أخرى.
فيا جارتي وأنت غير مليمة * * * إذا ذكرت ولا بذات مذلة
لقد أعجبتني لا سقوطاً غبوقها * * * إذا ما مشت، ولا بذات تلفت
تبيت بعيد النوم تهدي غبوقها * * * لجارتها إذا ما الهدية قلت
تحل بمنجاة من اللوم بيتها * * * إذا ما بيوت بالمذمة حلت
كأن لها في الأرض نسياً تقصه * * * على أمها، وإن تكلمت فذات تبلت
أميمة لا يخزى نثاها حليلها * * * إذا ذكر النسوان عفت وجلت
إذا هو آب الدهر قرة عينه * * * مآب السعيد لم يسل أين ظلت
فرقت وجلت واستكبرت وأكملت * * * فلو جن إنسان من الحسن جنت
إن الموازنة للمرأة الزوجة مع سواها التي جنت تصلح زوجة دلالة على هيمنة الأنموذج المكتسب من سلطة المجتمع دون أن يفرز تصوراً خاصاً نابعاً من سلطة الصعلوك ذاته، أي أن سمات المرأة هي سمات عامة يرسمها ثم يطلبها، وقد اتفقت نظرة الصعلوك للمرأة مع نظرة المجتمع، وهذه رغبة مضمرة منه في الاندماج مع المجتمع الذي ينفر منه.
رابعاً: الموقف من البيئة
لكي يضمن الإنسان لنفسه وجوداً يرضى عنه، فإنه محتاج إلى تكوين علاقة مع المحيط، وإذا كانت القصيدة السابقة قد كشفت عن علاقة "الشنفري" مع المجتمع بمحتوياته العامة، ثم مع نفسه ومع المرأة بوصفها من معطيات المجتمع، فإننا نستكمل هذه المكونات لنقف عند المستوى المكاني، والمحيط الخارجي الذي له وجود في علاقته بالذات.
1-المأوى:
وتأتي الأرض سيدة المكان لتحتوي الموجودات العينية على ظهرها، وتحيط بها، ويرد ذكر الأرض عند الشنفري مجازاً على أنها قطعة مجزأة من اليابسة وجاءت في القصيدة السابقة مرتين:
الأرض المحتوية لغيرها: وتكون أهميتها بمقدار أهمية ما احتوته، وسوآتها مماثلة لما فيها، يقول الشنفري "ممتدحاً محبوبته العفيفة":
كأن لها في الأرض نسياً نقصه * * * على أمها وإن تكلمت فذات تبلت
فلم يكن له موقف خاص مع الأرض هنا، وإنما موقفه مع من ساد عليها، وما فيها، فهي علاقة لمحبوبته مع الأرض من حيث الإطراق والتمهل الذي يدل على قربها من الأرض، لأنها تبحث فيها عن شيء.
الأرض الخصبة: وعلاقته بها علاقة خصومه وصراع، فصار بالنسبة لها عدواً مخيفاً، وأصبحت لا تحمل له ضرراً، رغم أنها وضع القتل والموت، يقول مؤكداً مشيته بتضعيف الفعل "أمشي" لتفتخر بذلك أعماق الأرض، ويرضي شغفه بالانتقام والسيطرة:
أمشي على الأرض التي لن تضرني * * * لامكن قوماً أو أصادف حمت
ثم يأتي المنزل: وهو الملاذ الصغير، والمبيت الآمن، الذي تحط به الأفئدة، وتسكنه الأجساد، فيحمي الإنسان من عوارض الطيعة ويقيه من السوآت، كما يستره ويحنو عليه، ويرد المنزل بوصفه مكاناً لعواطف أو للمبادئ أو للتشرف حتى وإن اقتضى ذلك الموت والهلاك.
أ-مكان الود واللقاء والراحة:
فبيتنا كأن البيت حجر فوقنا * * * بريحانة ريحت عشاء وطلت
ب-موطن القرى والكرم وستر ورقاد السائل والضعيف:
مصعلكة لا يقصر الستر دونها * * * ولا ترتجي للبيت إن لم تبيت
ج-مكان الموت والهلاك:
ولو لم أدم في أهل بيتي قاعداً * * * أتتني إذن بين العمودين حمت
د-رمز الشرف والعفة:
إذا مدح أو ذم البيت يقصد به ساكنه، كما أن الحفاظ على النفس حفاظ على البيت:
تحل بمنجاة من اللوم ببيتها * * * إذا بيوت بالمذمة حلت
وقد غابت في القصيدة الجوانب الجمالية للمنزل، لانشغاله بالجوانب النفعية التي يحققها المنزل لإنسان يهمه من المنزل محيطه المحسوس من خلال دلالته المباشرة.
2-المتعة:
وهي ما يلبي رغبة العاطفة، ويحقق حاجة الروح في تطلعها الجمالي الذي لا يخلو من معرفة، وتأتي المتعة لتواكب حركة الانفعال وتوزعات النفس.
وإذا كانت المتعة معنوية فإن أسبابها محسوسة تسد الفراغات التي تتركها النفس عند انشغالها بالخارج الذي يصرف الذات عن نفسها، ويلاحظ أن العاطفة تلامس الجوانب الجمالية التي تثير الانفعال وتحرك الوجدان، إضافة إلى الجوانب النفعية التي لا تخلو منها ومن ذلك:
أ-الريحانة:
التي هبت عليها الريح، فحركتها وأثارت رائحتها العطرية الذكية، وقلبت أوراقها فأخرجت ما بها من عبير وندى طري، لتحملها هذه الريح الهادئة الساكنة، وتزفها مع موعد المساء حيث الصمت والاستقرار إلى البيت وقد جاء هذا الوصف للريحانة تشبيهاً لرائحة محبوبته عند جلوسه معها، ويحتمل أن تكون تلك الرائحة الذكية كلامها ونفسها:
فبيتنا كأن البيت حجر فوقنا * * * بريحانة ريحت عشاء وطلت
بريحانة من بطن حلية نورت * * * لها أريج ما حولها غير مسنت
ب-الأرض:
المستقر والموطن، فهي حاملة الوجود، وأصل كل جمال، ونهاية كل حي، كما إنها الأم الحنون والكنز المدفون، وهي كذلك الصحراء القاحلة والمتاهة القاسية التي لا ترحم ولا تلين، كل هذه الرموز حملتها قصيدة "الشنفري" دون استقصاء تام.
وترد في النص هذه المعاني في سياقين:
الأول: ما جرت فيه دلالة +الأرض مجازاً بشكل غير مباشر، بأن دلت على من يمسها ومن يسكنها، كأن يصف مشي المرأة أو حركة الأشجار أو سير المياه وغير ذلك مما له اتصال بالأرض، لكنه لا يريد الأرض مباشرة.
والثاني: فهو ما جرت دلالة الأرض على وجه الحقيقة، أي الدلالة المقصورة بشكل مباشر ومن ذلك قوله:
أعيش على الأرض التي لن تضرني * * * لأحمل قوماً أو أصادف حمت
توصف الأرض بأنها "لن تضرني" مما يشير إلى العلاقة مع الأرض التي لها صفات تثير فيه شعوراً خاصاً نحوها، ويمكن الذي يحدد توجيه هذا الميل من الأرض أو إليها سواء أكان إيجابياً أو سلبياً.
ج-الوادي:
الذي يرد ذكره محايداً، لكن الذي جعله مثيراً لعاطفة ما، ومستدعياً متعة معينة أكثر من سواها، وروده ليدل على غيره، سواء للمكان أو للحالة.
خرجنا من الوادي الذي بين مشعل * * * وبين الجباه الصحب شاؤوا مسرت
إذ به يحدد الفعل (الخروج-الترك) وبه يتصل الرمز: (مشعل-الحب) ومعه تمت العلاقة مع (الأصحاب، سوى، المكان).
خامساً: حياة الصعاليك:
من خلال موقف الصعلوك من ذاته ومن المجتمع وكل ما يرتبط به يمكن التعرف على الحياة التي يريد أن يحياها من جهة (المثالية)، والحياة التي عاشها كما هي (الواقعية) من جهة أخرى، من خلال النص القائم على الشكوى مما هو كائن، والألم مما مضى، والشوق للمستقبل الذي يدركه بخياله.
كما تساعدنا النصوص التي سبقت الإشارة إليها، سواء تلك التي قالها "عروة بن الورد"، أو التي قالها "الشنفري" في استجلاء أهم سمات حياة الصعاليك في العصر الجاهلي على النحو التالي:
أ-المغامرة:
فقد اتصف الصعلوك بحبة للحرب والمخاطر، فيقول "الشنفري":
دعيني وقولي بعدما شئت إنني * * * سيغرى بنعشي مرة فأغيب
وهو لا يطيل في هذا الحديث لأنه في لهفة إلى أن يدرك رفاقه، فهو غير مبال بحياته أو حريص عليها، لأنه يعلم أن أجله لابد آت في يوم من الأيام، وهناك العديد من القصائد التي تصور مغامراتهم وحبهم للمخاطر مهما كانت.
ب-الفرار والتشرد:
وكما يتحدث الشعراء الصعاليك عن مغامراتهم، وقوتهم على أعدائهم، يتحدثون أيضاً عن فرارهم وهربهم، دون أن يجدوا في هذه الأحاديث غضاضة، أو أمراً يدعو إلى الخجل، ولماذا يخجلون والفرار يعد من أسلحتهم، ليعاودوا الكرة مرة ثانية، فيحققوا أهدافهم الاجتماعية والاقتصادية، وإذا لاحظنا أيضاً أن الفرار فرصة تتيح لهم إظهار تلك السمة التي يفتخرون بها دائماً. وهي سرعة العدو –أدركنا سر حرصهم على الفرار في شعرهم لإتاحته لهم مجال الفخر بهذه الميزة، وهناك حديث عن المأزق الحرج الذي يجد الصعلوك نفسه فيه حين يرى القوى تطارده هو وصاحبه حتى يدركه الموت، ثم يصور الفزع الذي انتابه فشل مقدرته على الرمي، وإن لم يشل تفكيره عن أن يحث صاحبه على العدو حتى ينجوا معاً:
لما رأيت القوم بالعلياء دون مدى المناصب * * * وفريت من فرع فلا ارمي ولا ودٍ لصاحب
يقرون صاحبهم بنا جدها وأغرى غير كاذب * * * أغرى أبا وهب ليعجزهم ومدوا بالحلائب
أما التشرد، فقد كان نتيجة للحياة المتمردة على المجتمع وعلى نظمه، التي كان من أثرها أن فقد المجتمع اطمئنانه إلى أصحابه، كما فقد هؤلاء تشردهم في أرجاء الصحراء الموحشة، وافتخروا باهتدائهم فيها دون دليل، من ذلك "تأبط شراً" الذي يفخر في حديثه إلى امرأة خطبها فامتنعت عنه، بأنه لطول تشرده تآلفت معه وحوش الصحراء واطمأنت إليه.
يبيت بمغنى الوحش حتى ألفته * * * ويصبح لا يحمي لها الدهر مرتعاً
ويفتخر في قصائد كثيرة بكرمه وتشرده ويتوعد أعداءه إن لم يتركوه، كما يهدد عذاله أنه سوف يترك ديارهم ويبقى متشرداً:
إني زعيم لئن لم تتركوا عذلي * * * أن يسأل الحي عن أهل آفاق
أن يسأل القوم عن أهل معرفة * * * فلا يجبرهم عن ثابت لاق
ويمدح صديقاً له بتشرده:
قليل التشكي للمهم يصيبه * * * كثير الهوى شاء النوى والمسالك
سظل بموماةٍ ويمسي بغيرها * * * جحيشاً ويعرو في ظهور المهالك
وهكذا تظل حياة الصعلوك بهذه الصورة القلقة التي لا تستقر على مدى الدهر، فقد حكموا على أنفسهم وتحكمت بهم الحياة، وانسجموا معها بالهيئة السابقة.
الهوامش
(1)ديوان عروة بن الورد، شرحه وضبط نصوصه وقدم له عمر: فاروق الطباع، (شركة دار الأرقم بن الأرقم للطباعة والنشر، بيروت –لبنان) سنة 1995م.
(2)ديوان الشنفري، تحقيق د. أميل بديع يعقوب، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت. ب.ت.
(3)ديوان تأبط شراً، تحقيق د.أميل بديع يعقوب، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت-سنة 1995م.
(4)علم النفس والأدب، سامي الدروبي، ط(المؤسسة العامة للكتاب، بيروت) 1986م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حياة الصعاليك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الاصدقاء ترحب بكم :: منتدى المواضيع المتنوعة :: قسم الموضايع المختلفة-
انتقل الى: