الهندسة الوراثيه <5> الهندسة الوراثية والطب البشرى
http://www.islam-online.net/iol-arabic/qadaya/gif/tec5.jpgالهندسة الوراثية البشرية هى إحدى الفروع التطبيقية لعلم الوراثة، وتعتبر ثورة تقنية جبارة تهدف إلى إضافة جينات جديدة تحمل إلى الكائن الحى صفات لم تكن موجودة من قبل، لحين تجاوز التراكيب الوراثية الموجودة إلى تراكيب جينية أفضل بقصد إصلاح عيب أو خلل فى المادة الوراثية أو تحسين الصفات العامة للأفراد عن طريق إعادة صياغة الخريطة الجينية.
وقد أثارت الهندسة الوراثية البشرية تصورات وتوقعات العلماء عن الكون والبشرية خلال الألفية المقبلة. فقد تنبأ عالم الفيزياء الشهير ستيفين هوكينج -الذى يعد واحداً من أهم علماء القرن الحالي- بأن العلماء سيتمكنون قريباً من حل أهم ألغاز الكون، كما تنبأ بأن الهندسة الوراثية سوف تغير سريعاً شكل ومواصفات وقدرات الجنس البشرى!
وقال هوكينج -فى محاضرة ألقاها فى البيت الأبيض-: إن معظم أعمال الخيال العلمى التى ظهرت خلال القرن الحالى افترضت أن الإنسان سيبقى كما هو دون تغيير، بينما يتطور العلم إلى مستويات أخرى جديدة، ولكني لا أستطيع أن أصدق بعض هذه الأعمال التى تصور الإنسان بعد 400 سنة كما هو الآن، ثم أعلن هوكينج عن اعتقاده بأن الجنس البشرى وصفاته الوراثية ستزداد تعقيداً بسرعة كبيرة تفوق تخيلاتنا! وقال: إن الهندسة الوراثية هى الجسر الذى يعبر عليه البشر للارتقاء والتطور فى صفات الإنسان، وهو أمر مطلوب حتى يستطيع الإنسان ملاحقة التقدم العلمى والتكنولوجى الذى يحققه. وبرَّر هوكينج أسباب هذا التغيير بقوله: إن الجنس البشرى يحتاج إلى تحسين صفاته العقلية والجسدية، حتى يمكنه التعامل مع عالم يزداد تعقيداً من حوله، ومواجهة ظروف جديدة مثل السفر فى الفضاء، كما أن الإنسان يلزمه تطوير أنظمته البيولوجية، حتى تقدر على مسايرة الأنظمة الإلكترونية.
http://www.islam-online.net/iol-arabic/qadaya/gif/tec6.jpgعلى الجانب الآخر وبخلاف توقعات هوكينج بأن إنسان المستقبل سيتحول إلى مخلوق "سوبر" حذر علماء آخرون فى أسكتلندا من أن الإنسان القادم سيتسم بالبدانة والصلع بسبب الرفاهية المطلقة، والتقدم العلمى الذى سيجعله لا يفعل شيئاً سوى تناول الطعام، ومشاهدة التليفزيون، وهو ما سيجعله أشبه "بثمرة البطاطس"، وذكر علماء الآثار الأسكتلنديون أن هذه الصورة المحبطة لإنسان المستقبل أو "الرجل البطاطس" جاءت نتيجة إقبال البشر الحاليين على توفير الجهد والوقت تجعلهم بعيدين عن القيام بأى نشاط، فضلاً عن أن كثيراً من الناس لا يمارسون الرياضة. وأشار العلماء إلى أن البشر يتجهون إلى الصلع والبدانة وأن يصبحوا كائنات ذات هياكل عظمية قصيرة وأجسام هائلة ضخمة، الأمر الذى ينذر بعواقب صحية وخيمة. وطالب العلماء بتغيير الإنسان لأسلوب معيشته الحالى، والابتعاد عن هذا النمط الاستهلاكي، والاهتمام بالبيئة المحيطة به، وإلا "فالرجل البطاطس" قادم لا محالة!
ومن الأحلام الوراثية التى فى طريقها للتحقيق مشروع الطاقم الوراثى البشري أي رسم خرائط الجينات البشرية من خمسين ألف إلى مائة ألف جين والذى سيتطلب ما يزيد عن ثلاثة بلايين دولار. إن الوصول إلى أسرار الأطقم الوراثية يشبه لحد بعيد ما حدث فى الكيمياء من اكتشاف الجدول الدورى للعناصر. ومن المؤكد أن هذا المشروع سيزيد من فهمنا للسلوك البشرى والجينات الوراثية فى الصحة والمرض، مما يساعد فى تصميم اختبارات للإرشاد الوراثى. لقد بدأت بالفعل ثورة الهندسة الوراثية البشرية وتقدمت بحوثها وتطبيقاتها. وبالرغم من أن جزءًا كبيرًا من منجزات هذه الثورة ما زال بعيداً فى مخيلات العلماء ومعاملهم فقط فإن التعامل مع الجينات البشرية فى حاجة إلى ما يحكمه ويفلسفه ويقيده إذا لزم الأمر.