الآلة و الانسان
ماذا فعلت الآلة في حياة الانسان؟
حظي موضوع العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا ( الآلة) بالاهتمام منذ بدايات القرن العشرين، خاصة من قبل المخترعين و البشر عموما الذين طالما شغل تفكيرهم ما سيجلبه التطور التكنولوجي من أثر على حياة البشر.
طوال الأعوام الخمسين المنصرمة كنا نعتبر التكنولوجيا مجرد عامل تأثير خارجي، وقد استعملناها جميعا كسيارات وطائرات وحواسب وهواتف نقالة، لكن ثمة تحول كبير وجدير بالملاحظة حدث في الأعوام الثلاثة الأخيرة؛ فالتكنولوجيا التي كنا نشكلها دائما، صارت تشكّلنا!
الآلة تسيطر على حياة الانسان
- في الثمانينيات كان التعامل مع الحاسوب مقصورا على مهندسي الحاسوب، أما الآن، فإننا جميعا نتعامل مع الحاسوب؛ الأطباء والمهندسون والقضاة والمعماريون ورجال الأعمال، بل إن تطبيقات الكمبيوتر في بعض المجالات صارت تؤثر على طريقة نظر أصحابه إليه، فصارت تؤثر على طريقة تصور المعماري للأشكال المعمارية وللمباني نفسها، وعلى رؤية الجراحين للجسم البشري ولطرق إجراء الجراحة.
- ولعل هذا يضعف الفكرة السائدة التي تقول بأننا “يجب ألا نقلق كثيرا بخصوص أثر التكنولوجيا؛ لأنها ليست أكثر من أداة”، فالواقع يرينا أن التكنولوجيا صارت كيانا مؤثرا في حد ذاته.
يجب أن نوجه انتباهنا لكيفية استعمالنا للتكنولوجيا، حتى نحصل منها على ما نريد، بدلاً من أن ترسخ هي فينا ما لا نريد. فإذا كان برنامج ببساطة باور بوينت يثير إشكالية تغيير عادات العقل في التفكير، فما بالك بموضوعات أكثر صعوبة مثل إحلال الروبوت محل الإنسان (كجليس للأطفال أو المسنين مثلا)؟
إنني أرى أننا غير مؤهلين بما يكفي لاستقبال الآثار النفسية لما تصنع أيدينا من تكنولوجيا، فنحن نصنع أشياء تكنولوجية، وفيها يكمن المكون الوجداني، ثم بعد ذلك نتجاهل هذا المكون قائلين إن التكنولوجيا ليست إلا أداة.
* إن تخيل جليسة أطفال روبوتية أمر يثير التساؤل: هل هذا “الشيء” يمكن أن يبادلنا حقا مشاعر الحب؟
هل يمكن الاسنغناء عن الآلة ؟
- علينا أن نبدأ أولا فنحدد أي المهام يستطيع البشر أن يقوموا بها بصورة أفضل، وأيها يحسُن أن تقوم به الآلة. فإذا تحدثنا عن التدريب مثلا، فإن الآلة تفوق البشر في بعض الأنشطة التدريبية مثل تقديم المعلومات، ولكن من جهة أخرى، فإن البشر أفضل في الإرشاد والتوجيه والتشجيع وبناء العلاقات. وهنا أؤكد مرة أخرى أننا نتعرف أكثر على ذواتنا كلما أمعنا النظر في الأدوار التي تناسب الآلة وتلك التي لا تناسبها. وإذا عدنا لسؤالك فستجد أن الأدوار المناسبة للتكنولوجيا لم تُحسم بعد، فالبعض سيقول إن فصل الموظف من خلال روبوت هو فظاظة وإهانة، والبعض سيراها حفظًا لماء وجه الشخص الذي فُصل.
الآلة ماهي إيجابياتها و سلبياتها ؟
* وهل الاعتماد الشديد على التكنولوجيا أمر ينذر بالخطر؟
- ليس بالضرورة، فقد أثبتت الروبوتات أهميتها بصورة خاصة في بيوت رعاية المسنين في اليابان، فقد كان هذا حلا أفضل من استدعاء أجانب للخدمة في هذه البيوت وهم على غير دراية بالثقافة اليابانية؛ فالروبوتات تقوم بكفاءة بتسجيل مواعيد تناول الدواء، وكذلك قياس الضغط ودرجة الحرارة وما شابه. أما مسألة خطورة الاعتماد الواسع على التكنولوجيا فهي تردنا ثانية إلى التأكيد على أهمية تحديد ما يصلح من مهام للبشر وما يصلح للآلة، وأن نتأكد قبل أن نعمم أي تكنولوجيا جديدة أنها لن تمحو أو تطغى على العنصر الإنساني في أنفسنا.