حقا، شجرةُ الزيتون لابريقَ لها، فهي مغطاة بالقِرْفة وتبدو كسيحةً. ثمارُها باهتة، شديدةُ الزرقة. لا يزيد حجمُها عن حجمِ نواتها، ولا يُمكن إستذواقها نيئة. بعضُها ما زال أخضرَ، أبرشَ لم ينضج بعد. بعضها الآخر منضمرٌ وجافٌ مثل الزبيب.
منذ أمس الأول تسقط أشجار الزيتون تحت ثقلِ قاطفي الثمار. في قمتها التي لا يزيدُ محيطها عن ثلاثةِ أمتار ونصف يجلس خمسةٌ أو ستةٌ منهم. تحت الشجرة غطيت الأرض بأكياس من الكِتـّان والبلاستك والشبك.
أنا أجلسُ فوق أحدِ فروعها وأمسحُ بيدي على الأوراق. أمِسّ أغصانا ما زالت طرية. أهزّ وأضربُ وأقطعُ بعض الغصون تاركة عليها أحيانا بعض الثمار وضميري يؤنبني.
عمال آخرون يقفون تحت الشجرة، يحملون عصىً طويلة، يضربون بها الثمار المعلقة في الأغصان الخارجية. يحركون عُصيهم من جهة الى أخرى. يدفعون بها الى قمة الشجرة، ومن الصعب الحفاظ على توازنها فترة طويلة في موقع مرتفع.
الثمراتُ المبتلةُ بالمطر تلمعُ مثل عيون الخيل. لم يسبقَ لي أن دققت النظر في شجرة الزيتون، كما فعلتُ في توربيلا. لا يمكن أن تكتشف فيها سوى عمرها المتقدم: شجرة متواضعة، تنمو كما تشاء.